حزمة لإدارة معالجة ارتفاع ضغط الدم والوقاية منه

جدة: د. عبد الحفيظ يحيى خوجة (استشاري طب المجتمع)
ضغط الدم المرتفع، هو إحدى قضايا الصحة العامة العالمية إذ يسهم ارتفاع ضغط الدم في عبء ظهور أمراض القلب، والسكتة الدماغية، والفشل الكلوي، والوفاة المبكرة، والإعاقة. ويتفاوت تأثير ارتفاع ضغط الدم على السكان في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل، التي تعاني من ضعف في نظمها الصحية. الوقاية من ارتفاع ضغط الدم والتحكم في مستواه أمر معقد، ويتطلب التعاون بين القطاعات المعنية المتعددة التي تشمل الحكومات والمجتمع المدني والجامعات والصناعات الغذائية. وقد حان الوقت لجني فوائد جمة تعود على الصحة العامة من وراء التحكم في ضغط الدم.
رعاية متكاملة
تحدث إلى «صحتك» الرئيس التنفيذي للرابطة العالمية لفرط ضغط الدم للشرق الأوسط الدكتور بدر علي المصطفى استشاري طب الأسرة واختصاصي فرط ضغط الدم السريري مدير التدريب والتطوير بالجمعية السعودية لرعاية ضغط الدم – موضحا أن ارتفاع ضغط الدم بات يشكل ظاهرة ذات جذور اجتماعية واقتصادية، فضلا عن جذورها الجينية والعضوية والنفسية والسلوكية. ولمعالجة هذه الظاهرة، يستلزم أخذ كل هذه الأمور بعين الاعتبار، فلا يكفي أن تكون من خلال المعالجة الدوائية فقط، أو تصحيح جزئي في استهلاك الملح، أو غيرها من المعالجات الفردية. وأضاف أن التحكم في نشوء ظاهرة ارتفاع ضغط الدم أو منعها، بتكلفة مقبولة على المستوى الطويل، أصبح صعبا على كل من المريض والطبيب، وهما طرفا المعالجة التقليدية. وأشار إلى بيان ساو باولو الذي أصدرته الرابطة العالمية لفرط ضغط الدم في نهاية 2019، والذي تتلخص فيه خريطة الطريق لمعالجة هذه الظاهرة التي أضحت تتجاوز عيادة الطبيب، أي الطرفين التقليديين للمعالجة، لتشمل: الطبيب المعالج، المثقف والموجه الصحي المعالج، الفريق الصحي، المريض، عائلة المريض، المنشأة الصحية، مؤسسات المجتمع المدني، بما فيها الجمعيات العلمية والمهنية والمجتمعية. إضافة إلى هيئات ومؤسسات التدريب والتعليم، هيئات الغذاء والدواء والأجهزة الطبية، وأخيرا النظام الصحي في كل بلد.
لذا حري بجميع هذه الجهات المعنية استحضار مسؤوليتها، والدور الذي يمكن لها أداؤه. وحتى تتكامل هذه الأدوار، بأقل قدر من التضارب والهدر، يلزم الجهات العليا المركزية، كوزارات الصحة، أن تتولى تنسيق هذه الجهود والحث عليها ورصدها وتطويرها.
إجراءات وقائية
أضاف الدكتور بدر المصطفى إن الإجراءات البسيطة لمعالجة ارتفاع ضغط الدم ممكنة، في جميع مستويات الخدمة، ومن شأنها أن تعزز وتدعم الرعاية الأولية. كما يمكن التحكم في ارتفاع ضغط الدم، عند معظم المصابين به، إذا تمت وبشكل منهجي، المعالجة الدوائية، وتصحيح نمط العيش، المبني على البراهين. ويمكن للإجراءات المتخذة، في علاج ارتفاع ضغط الدم، أن تكون نموذجًا يحتذى لمعالجة الأمراض غير المعدية الأخرى، ونذرها.
إن تحسين طرق الوقاية من ارتفاع ضغط الدم ومكافحته وتعزيز دور الرعاية الأولية في ذلك يمكن أن تحققها سياسات الرعاية الصحية ومبادرات التصحيح في النظام الصحي وطرق تقديم الخدمة.
ومثال ذلك، مبادرة هارتز «HEARTS» التي تتبناها منظمة الصحة العالمية والتي تدعو إلى تقديم الرعاية الصحية القائمة على تكامل أعضاء الفريق، استخدام الأدوية الموثوق بها والميسورة التكلفة، القياس المنهجي لضغط الدم باستخدام الأجهزة الإلكترونية الموثقة من قبل مهنيين مدربين، استخدام نهج علاج مبسط، استخدام سجلات متابعة منهجية، واستقصاء منتظم لارتفاع ضغط الدم في المجتمع. من شأنها زيادة الوعي العالمي بارتفاع ضغط الدم وأهمية الفحص.
حزمة «هارتز»
توفر حزمة هارتز «HEARTS» التقنية نهجًا استراتيجيًا لتحسين صحة القلب والأوعية الدموية في بلدان العالم. وهي اختصار للوحدات Modules الست التي تتألف منها هذه الحزمة، وهي:
تدعم هذه الحزمة وزارات الصحة لتعزيز إدارة الأمراض القلبية الوعائية في أماكن الرعاية الصحية الأولية. ويتم دعم الوحدات العملية خطوة بخطوة من خلال وثيقة تقنية شاملة توفر الأساس المنطقي والإطار لهذا النهج المتكامل لإدارة الأمراض غير المعدية. وقد تم تطويرها بقيادة منظمة الصحة العالمية WHO والمراكز الأميركية لمكافحة الأمراض والوقاية منها CDC.
يموت المزيد من الناس من أمراض القلب والأوعية الدموية (CVDs) أكثر من أي سبب آخر. فأكثر من ثلاثة أرباع الوفيات المرتبطة بأمراض القلب والسكتة الدماغية تحدث في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل.
إن وحدات «HEARTS» مخصصة للاستخدام من قبل صانعي السياسات ومديري البرامج على مستويات مختلفة داخل وزارات الصحة، وضمن الإعدادات المحدودة الموارد، الذين يمكنهم التأثير على تقديم الرعاية الأولية لأمراض القلب والأوعية الدموية.
الرعاية الذاتية
يؤكد الدكتور عمار أبو زهيرة استشاري طب أسرة عضو الجمعية السعودية لرعاية ضغط الدم (شمس) على أن المصاب بارتفاع ضغط الدم لا غنى له عن الرعاية الذاتية، حيث إنه يتعايش مع المرض في حالات متفرقة (فتارة يكون في العمل وأخرى في المنزل) وفي فترات مختلفة (فقد يسافر في شهر ويصوم في آخر)، كما أن مستوى الضغط يختلف من ساعة لأخرى، ويتأثر بالعديد من العوامل، كالغذاء والنشاط البدني والضغط النفسي والأدوية والمكملات وغيرها من العوامل، ولو قمنا بقياس الوقت الذي يقضيه المريض مع طبيبه، سنجده لا يتعدى ثلاث أو أربع ساعات في العام، بينما يتعايش المصاب بارتفاع ضغط الدم مع المرض لـ365 يومًا بالعام، من كل ذلك تنبع أهمية تعرف المصاب بارتفاع ضغط الدم على كيفية العناية بنفسه، ويتمثل ذلك في أربعة محاور أساسية، هي:
إدارة المعالجة والوقاية
يدعو الرئيس التنفيذي للرابطة العالمية لفرط ضغط الدم للشرق الأوسط الدكتور بدر المصطفى الكادر الصحي والمنظمات المشاركة للقيام بالإجراءات التالية لتعزيز معالجة ارتفاع ضغط الدم، والتحكم فيه، والوقاية منه من خلال: